Om ألصُّحْبَةُ فِيْ القُرآن
غَالِبًا مَا يَتُمُّ فَهْمُ الوَاقِعِ وَالحَقِيْقَةِ بِأَنَّهُمَا يَنْقُلَانِ المَعْنَى نَفْسَهُ، وَلَكِنْ بِدِقَّةِ التَّعْرِيفِ لَيْسَ كَذَلِكْ! الوَاقِعُ مَوْجُوْدٌ، بَيِنَمَا الحَقِيْقَةُ مُثْبَتَةٌ. الوَاقِعُ لَهُ حَيِّزٌ وَوُجُوْدٌ! لِهَذَا، فَالوَاقِعُ مُسْتَقِلٌّ عَنْ مُؤَثِّراتِ المُحِيْطِ وَنَادِرًا مَا يَتَأثَّرُ بِالعَوَامِلِ الخَاِرجِةِ عَنْه. بيْنَمَا مَا يُسَمَّى حَقِيْقَةً هُوَ شَيْءٌ يَعْتَمِدُ عَلَى مُسَلَّمَاتٍ مَوْرُثَةٍ مُكْتَسَبَةٍ وَأخْرَى جَدِيْدةٍ مُكْتَشَفَةٍ، تَتَغَيِّرُ مَفَاهِيْمُهَا وِفْقًا لِإدْرَاكِ أو تَصَوُّرِ الشَّخْصِ المُرَاقِبِ، وَالقِيَمُ التِّي يُؤْمِنُ بِهَا... يَتُمُّ إثْبَاتُ الحَقِيْقَةِ أيْضًا بِنُقْطَةٍ أو نُقَاطٍ أَوْ نَظَرِيَّةٍ عِلْمِيَّةٍ ثَابِتَةٍ، وَمَرْجَعِيَّةٍ عَقْلَانِيَّةٍ صَادِقَةٍ، فِي حَقَبَةٍ زَمَنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ يُدْرِكُهَا البَاحِثُ أَو المُرَاقِبُ! لِهَذَا السَّبَبِ، قَدْ تَخْتَلِفُ الحَقِيْقَةُ مِنْ شَخْصٍ لِآخَر وَمِنْ حَالَةٍ إلَى أُخْرَى! وَهَذَا مَا يَجْعَلُ الحَيَاةَ، حَيَاةً! وَلَمْ نَعْرِفُ حَقِيْقَةَ الحَيَاةِ إلَّا بِالمَوتِ! وَلِذَا قِيلَ (مَعْرِفَةُ الأَشْيَاءِ بِأَضْدَادِهَا). فَطَبِيعَةُ المَعْرِفَةِ تُحَتِّمُ عَلَى العَقْلِ القِيَامَ بِهَذِهِ المُقَابَلَةِ أَوِ المُقَارَنَةِ أَوِ المُمَاثَلَةِ أوْ المُوَازَنَةِ لِرَسْمِ الحُدُودِ الفَاصِلَةِ بَيْنَ الشَّيْءِ وَضِدِّهِ. فَحَتَّى تَعْرِفَ النُّورَ لاَبُدَّ أَنْ تَعْرِفَ الظَّلَامَ، وَلَا يُمْكِنُ اقْتِرَاحُ وَسِيلَةٍ أُخْرَى; لِأَنَّ النُّورَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الظَّلَامَ، وَهَذَا مُسْتَحِيلٌ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ النُّورُ هُوَ غَيْرَ الظَّلَامِ، وَفِي هَذِهِ الحَالَةِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُبَايِنًا لَهُ بِالمُطْلَقِ، وَإِمَّا مُبَايِنًا لَهُ فِي بَعْضِ الوُجُوهِ. هَكَذَا يَحْصُرُ العِلْمُ وَالعَقْلُ كُلَّ الإِحْتِمَالَاتِ المُمْكِنَةِ لِأيِّ مُقَابَلَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا. فَكُلَّمَا زَادَتِ المَعْرِفَةُ تَبْرُزُ إمْكَانِيَّةُ الوُصُولِ إلى الحَقَائِق. وَالإِنْسَانُ عِنْدَمَا يُفَكِّرُ فِي الأَشْيَاءِ يُفَكِّرُ ضِمْنَ هَذِهِ المَسَارَاتِ المُحَدَّدَةِ، وَهَذَا مَا نُسَمِّيهِ بِمَنْطِقِ الفِكْرِ، وَمَا لَيْسَ بِمَنْطِقٍ؛ لَا يَكُونُ فِكْرًا. فَلَو كَانتِ الحَقِيْقَةُ رَاكِدَةً صَلْدَةً، غَيْرَ مُتَطَوِّرَةٍ وَثَابِتَةً لَأصْبَحَ العَيْشُ مَمَ
Visa mer