Om وعي الحقيقة
يقتفي هذا الكتاب كل أثر من الآثار التي تؤدي الى وعي الحقيقة ومعرفة الوجود وجوهر الفاعلية الإنسانية. يقول المؤلف إنَّ الإنسانَ لا يَبلغُ مَرتبةَ وَعي حقيقة المَوجُود ما لَم يَطوِ المَراتب نَحو القُربِ مِنْ حَقيقةِ الواجِد؛ وأنَّ الاقترابَ مِنْ مَعرفةِ الواجِد والتزوّد مِن فُيوضاته، واستِكشافِ صفات المَلَكوت، ونعوتُ الجَبَروت، وَآثار أنواره التي أشرَقَت مُضيئةً مِن صُبحِ الأَزَل، كفيلٌ بِتَعميقِ الوَعي وإجلاءِ القُلوب وإنارة البصائر، وَحينَها يَكونَ الوَعيُ قائِمًا على الحَقائِقِ الجوهريّة، لا على المَظاهِرِ الخارجيّة. وَهذا الكِتابُ بأبوابهِ وَفصولِهِ وَمَباحِثِه يُقدّم دراسةً تَكشفُ عَن أبعادِ مَفهوم الحقيقة وما تَحمِلُ مِنْ مَضامينَ جَوهريّة، كانَت وَلا زالت مَوضِعَ قَبول الإدراكات العقليّة، وَعِنايَة المَوروثات النقليّة؛ دراسةً تَطرقُ أبوابَ المَدارس الكلاميّة، والفلسفيّة، والعرفانيّة، بَعيدًا عَن مَتاهاتِ الفَوضى المَعرفيّة، وَفَراغات العموميّات المُجرّدة، والمحدوديّات المُصطَنَعة، والسطحيّات المانِعَة، الشُبُهات الخادِعَة، من أجل الاقتراب مِن معرفةِ الحقيقة اليقينيّة، تلك التي تمثّلُ الأصلَ والمَنبَعَ لِجَميعِ حقائق الموجودات في عالَم الإمكان؛ فالحقيقةُ واليقينُ صنوان لا يَفتَرِقان. وَيُبيّنُ الكتابُ كيفَ أنَّ السّاعي نَحوَ مَقامات القُرب مِنَ الحَقيقةِ المُطلقة، ومن أجل رفع جميع الحُجُب والغَواشي عَنِ النفوس، عَلَيهِ أولًا أنْ يَخرُجَ مِن سِجنِ الشَّهواتِ الحَيوانيّة، وَحُبّ الأنا المُوحشة والظلمائية، وَيَتَطَهّر بماءِ العِشق الإلهي، مُهاجِرًا مِنَ الدّارِ السُفلى، وَمُحَلّقًا نحوَ المَقامات العُليا، حيث القُرب مِنَ الحَقيقة المُطلقة. إنَّ العِبادَةَ الحَقّةَ والسَّيرَ الحَثيث، والتمسّك بالثَّقَلين، هِيَ أنوارٌ للسّالكين، وأبوابٌ للطّالبين نَحوَ مَقامات وَعي الحقائق، وَنَيل مَراتب القُرب مِنَ أنوارِ الذّات الأحديّة، الحَقيقيّة اليقينيّة؛ مقامٌ لا يَرى فيه العبدُ إلا اللهَ تعالى وجودًا حقيقيًا، وأمّا حقائق باقي المَوجودات فَما هِيَ إلّا رَشَحاتٌ مِنْ فَيضِ أنوارِ حَقيقةِ وُجوده جَلَّ جلاله.
Visa mer